استأنفت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أحمد رفعت، خامسة جلسات محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، و6 من معاونيه، في قضية قتل المتظاهرين. واستكملت المحكمة سماع شهود الإثبات في القضية، حيث استمعت أمس إلى الشاهدين الثامن والتاسع، وهما مقدم شرطة في الأمن المركزي عصام حسن، الذي فجر مفاجأة مدوية صفقت لها قاعة المحكمة، اذ يمكن اعتبار شهادته الأهم والأبرز في إثبات التهم على مبارك ومعاونيه في التدبير لقتل المتظاهرين، والشاهد التاسع مساعد وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن اللواء حسن عبد الحميد.
اتهام العادلي
وأكد المقدم عصام حسن أنه من خلال عمله علم أن هناك اجتماعاً ضم وزير الداخلية و4 من مساعديه، تم فيه اتخاذ جميع الوسائل لوقف التظاهرات، وكان ذلك الاجتماع يوم 27 يناير، أي قبل جمعة الغضب بيوم واحد، وهو الاجتماع الذي تم فيه اتخاذ قرار قطع الاتصالات، وأنه علم بذلك من خلال اللواء حسن عبدالحميد مدير العمليات في قطاع الأمن المركزي، وأن هناك استخداماً للسلاح الحي في منطقة وسط القاهرة، من خلال استخدامه في مناطق مجلسي الشعب والشورى، والسفارتين البريطانية والأميركية. وأكد الشاهد أن العادلي أمر بتسليح قوات الشرطة بالأسلحة النارية، وأن عدلي فايد مساعد وزير الداخلية الأسبق هو من قام بنقل تعليمات العادلي بقتل المتظاهرين إلى مديري الأمن في المحافظات، وأضاف أن العادلي أمر مساعديه بإخفاء سيارات الشرطة في أكاديمية الشرطة، وحاول العادلي تكذيب الشاهد أثناء إدلائه بشهادته.
تحول التظاهرات إلى ثورة
وأشار الشاهد إلى أن الداخلية تخوفت من تحول تظاهرات 28 يناير إلى ثورة، ما دفع مبارك والعادلي إلى وضع الشرطة في حالة مواجهة مع الشعب، عندما أمروهم بتفريق المتظاهرين بأي وسيلة، مؤكداً أنه علم من زملاء له داخل ديوان وزارة الداخلية بذلك. وكشف الشاهد الثامن أيضاً عن مضمون الأوامر التي تم تنفيذها خلال التظاهرات، كما قدم للمحكمة «سي دي» بتفاصيل إطلاق النار على المتظاهرين، الأمر الذي اعتبرته النيابة تدعيماً لموقفها في القضية. وسألت المحكمة الشاهد: هل طبيعة عملك تستوجب اطلاعك على محاضر اجتماعات أو إخطارات بخروج الأسلحة؟ فنفى الشاهد ذلك، مؤكداً أن مسؤوليته تنحصر في تجهيز المجندين، واستقبالهم، ودخولهم الخدمة. وسأل القاضي الشاهد بعد ذلك: إذاً من أين لك بهذه المعلومات؟ فأجاب هذه المعلومات استقيناها من اللواء حسن عبدالحميد مدير العمليات في قطاع الأمن المركزي يوم 27 يناير.
برأ طنطاوي
وخلال شهادته برأ الشاهد الثامن المشير طنطاوي من اتهامه بأنه من طلب قطع الاتصالات أيام ثورة 25 يناير، وأكد أن الاجتماع الذي تم في وزارة الداخلية يوم 27 يناير بين قيادات الوزارة، طلب خلاله اللواء حسن عبدالرحمن رئيس مباحث أمن الدولة قطع الاتصالات بناء على تقرير أمني، فطلب الدفاع مواجهته بالمتهمين. وأكد الشاهد أنه كانت هناك توقعات تشير إلى حدوث انتفاضة وثورة شعبية غير مسبوقة، خصوصاً يوم 28 يناير، وتم اتخاذ خطط أمنية وتدابير وإجراءات احترازية لم يسبق لها مثيل في وزارة الداخلية، وتم الاتفاق في ذلك الاجتماع على قطع الرسائل والتلفونات المحمولة في عصر يوم الخميس 27 يناير، بالإضافة إلى قطع الإنترنت وجميع خدمات المحمول، وقال إن أصحاب هذا القرار هم القيادات الأمنية التي حضرت ذلك الاجتماع، بدءاً من الوزير، ومروراً بمساعديه الأربعة، بالإضافة إلى إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة وقتها.
حبيب العادلي يرد
وتحدث اللواء حبيب العادلي لأول مرة من داخل قفص الاتهام، رداً على كلام الشاهد الثامن، بأن أمن الدولة هو من أخذ قرار قطع الاتصالات والإنترنت.
فبعد انتهاء الشاهد الثامن من شهادته، سألت هيئة المحكمة كل المتهمين، هل لديكم تعقيبات على أقوال الشاهد، فقال مبارك: لا تعليق على الشاهد، وقال حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق: كل ما ذكره الشاهد الثامن يتنافى مع الحقائق، وقال اللواء عمر الفرماوي مدير أمن أكتوبر السابق إنه لم يحضر الاجتماعات، في حين أقر باقي المتهمين بأنهم حضروا تلك الاجتماعات. واتهم عصام البطاوي محامي العادلي شاهد الإثبات الثامن بالتناقض في أقواله أمام المحكمة.
الخطة 100
واستمعت المحكمة إلى أقوال الشاهد التاسع اللواء حسن عبد الحميد، الذي أكد أن الاجتماع الذي عقد 27 يناير، كان برئاسة العادلي، وجلس بجوار المتهم أحمد رمزي يستعرض الخطة التي سوف تقوم بها قوات الأمن المركزي للتعامل مع تظاهرات يوم 28 يناير. وأشار الشاهد إلى أن الخطة هي غلق المنافذ المؤدية إلى ميدان التحرير بسيارات نقل الجنود، لمنع المتظاهرين من الدخول إلى الميدان، وحسب أقوال الشاهد، قال حبيب العادلي لأحمد رمزي في الاجتماع «أنت هتسد.. ولا إيه؟»، فرد رمزي «أيوه أنا هسد ونص»، فقال العادلي «طبق الخطة 100»، فقال رمزي «هطبقها ونص». وقال الشاهد إن وزير الداخلية السابق طلب قطع الاتصالات تماماً عن الموجودين في القاهرة. وأضاف الشاهد أنه عندما اعترض على خطة العادلي، أمر وزير الداخلية الأسبق بنقله إلى مديرية أمن القاهرة «ليتعلم كيفية فض التظاهرات». واستكمل الشاهد، قائلاً: إنه أنذر القادة الأمنيين يوم الخميس الموافق 27 يناير الماضي، بأنهم سوف يواجهون فشلاً ذريعاً في «جمعة الغضب»، وذلك لأن الضباط والجنود ضعفت قواهم، وأن عددهم كان لا يتجاوز 20 ألف جندي، فكيف يواجهون مليون متظاهر في ميدان التحرير؟ وأوضح الشاهد أن ما حدث مخالف لقوانين التعامل مع المتظاهرين، وأنه حذر قادته بأن العنف سوف يكون له ردة فعل قاسية، وأشار إلى قيام بعض سيارات الجنود والمدرعات بدهس المتظاهرين، وقدم أسطوانة للمحكمة تحوي مشاهد فيديو مصورة لحوادث من هذا القبيل. وأضاف الشاهد أن التعامل، الذي تم مع المتظاهرين أثناء الثورة، يفوق الحد المسموح به في فض التظاهرات العادية.